26 January 2012

شعر مديح الخلفاء في العصر العباسي الأول -مقاربة تداولية- اطروحة دكتوراه اللغة العربية/الأدب العربي عبد الله بيرم يونس



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله الأمين وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
        فقد تحولت العلوم الإنسانية في العصر الحديث، من البحث في مجالات التقاطع والتشابه، إلى البحث في التداخل والتكامل بين حقولها المعرفية (علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلوم الاتصال، والعلوم المعرفية، والفلسفة، والمنطق، والسيميائيات، واللسانيات...)، وقاد هذا التداخل والتكامل إلى ظهور اتجاه وظيفي تواصلي يرى في اللغة والعمل الإبداعي ظاهرة اجتماعية، يجب أن تدرس على هذا الأساس، ومنذ نهايات القرن العشرين بدأ الاهتمام بالاتجاه الوظيفي التواصلي يتزايد يوماً بعد يوم، ويرسم حدوداً واضحة على خريطة البحث الإنساني المعاصر، تشهد على ذلك آلاف المقالات وعشرات الكتب التي تصدر هنا وهناك وبأكثر من لغة في محاولة لاستجلاء معالم هذا الاتجاه ولإبراز خصوصياته، وتحديد مجالاته التطبيقية العملية، وقد انبثقت من هذا الاتجاه الحديث تيارات كثيرة منها التيار التداولي الذي يدرس علاقة النشاط اللغوي بمستعمليه، وطرائق استعمال العلاقات اللغوية وكيفياتها بنجاح، والسياقات والطبقات المقامية المختلفة التي يُنجزُ ضمنها ((الخطاب))، والبحث عن العوامل التي تجعل من ((الخطاب)) رسالة تواصلية واضحة وناجحة، والبحث في أسباب الفشل في التواصل باللغات الطبيعية ...الخ.
        إن التداولية تجعل من المقصد والمقام قاعدة متينة في مقاربة الخطابات المختلفة، وهو ما لم تكن المناهج الأخرى تهتم له كثيراً؛ لتركيزها على البنية اللسانية وتتبع خصائص اللغة بدءاً من أولى مستوياتها، أعني الجانب الصوتي، وصولاً إلى ذروة التفاعل: الدلالة، مروراً بمستوى التركيب بما يضم من الصياغات الصرفية، ومن ثمة عنيت التداولية بالمتكلم ومقاصده بوصفه عنصراً فاعلاً في عملية التواصل، ومنحت أهمية للظروف المقامية بوصفها عناصر مساعدة في تأدية هذه المقاصد، وعولت كثيراً على استغلال المستمع الظروف السياقية في سبيل الوصول إلى المعنى الذي قصده المتكلم.
        وبما أن التداولية لها القدرة على استدعاء جوانب غير لسانية في عملية النقد والتحليل في الخطاب فقد وقع اختيارنا على هذا المنهج؛ لمقاربة أبرز الفنون الشعرية على الإطلاق (المديح) مقاربة تبتعد عما اعتادت عليه معظم الدراسات الأدبية التي تناولت هذا الشعر من الوجهة الفنية أو الشكلية فحسب، أما كيف أُنجز هذا العمل، ومن أنجزه، ولماذا أُنجز؟ وما دلالته بالنسبة لمن أنجزه ولمن تلقاه؟ وما هي المضامين والرؤى التي تحملها؟ فأسئلة لا نجد لها جواباً، إن شعر المديح عامة وشعر مديح الخلفاء والأمراء خاصة لا يخضع للشروط الجمالية وحدها، وإنما تُراعى كذلك الشروط التداولية والاجتماعية التي تقتضي صوراً من السلوك القولي بحسب المقامات استجابة لقانون عام يحكم التواصل الإنساني بمجمله، وهو الذي يقضي بأن نجاح التواصل لا يتمُّ إلا بالاستجابة لقوانين التداول من تعاون وتأدب ولياقة... ولما كانت هذه القوانين تسمو بالتواصل العادي فهي أولى بأن تسمو بالقول الشعري الذي يُطلب في أصله الكمال والجمال، فكيف يترك الشاعر السمو وهو مطلبه وأقصى ما ينشده؟ إن الشعر الذي قيل بين يدي الخلفاء والأمراء يقتضي منا ضروباً خاصة من الاشتغال النقدي، فكانت التداولية المنهج الأنسب لمقاربة هذا النوع من الشعر.
           لذا جاءت خطة هذا البحث مكونة من تمهيد وثلاثة فصول، وقد قسمنا كل فصل على مبحثين، واتبعنا ذلك كله بخلاصة.
        أما التمهيد فأردنا أن نبرز فيه مفهوم التداولية والجذور التاريخية للتداولية، والتعريف بأهم مرتكزاتها، مع تحديد للمفاهيم والمبادئ الأساس في هذا المنهج، التي تمَّ توظيفها في الفصول التطبيقية، وفي نهاية التمهيد كانت لدينا وقفة في بيان احتواء الدرس العربي القديم على مباحث وأفكار ذات توجهات وإجراءات تداولية.
        وأما الفصل الأول فقد جاء بعنوان المتكلم ومقتضيات خطاب الخلفاء، وتناولنا فيه طرفي الخطاب؛ أي: كلاً من المتكلم والمخاطَب، وهما قطبا العملية التواصلية، وكيفية اختيار المخاطب الآلية التي توصل فكرته إلى المتلقي، وكيفية قدرته على إنتاج كلام موائم مع مقتضى الحال، واعتماده على المبادئ التخاطبية السليمة لتحقيق مبتغاه، فجاء المبحث الأول ليكشف عن أهم تلك المبادئ التخاطبية التي يتوخاها المتكلم عند مخاطبة الآخر،      أما المبحث الثاني من هذا الفصل فقد تناولنا فيه الافتراضات المسبقة لدى كل من المتكلم والمخاطب؛ إذ تسهم تلك الافتراضات في إنجاح العملية التخاطبية.
        وأما الفصل الثاني فقد خصصناه لدراسة ظاهرة الأفعال الكلامية، التي تقع في موقع متميز من المنهج التداولي وتُشكِّل جزءاً أساساً من بُنيته النظرية؛ فتناولنا في المبحث الأول أهم قضية في أفعال الكلام وهي الإنجازية التي ترى في القصيدة فعلاً أو حدثاً شعرياً يحمل قوَّة إنجازية معينة ويفضي إلى إحداث أثر ما في المخاطب؛ ذلك أن للكلام سلطاناً ما بعده سلطان، وأن للكلمات قوة عظيمة لا تخفى، وتأثيراً قوياً لا ينكر، وفي المبحث الثاني تناولنا الضمنيات التي حملتها الملفوظات الشعرية بوصفها قيلت في سياق خاص.
        وخصصنا الفصل الثالث والأخير لدراسة الحجاج في شعر مديح الخلفاء؛ إذ يُعدُّ الحجاج باباً رئيساً في المباحث التداولية بشهادة المختصين في هذا المجال، ونعني بالدراسة في هذا الفصل النظر في مجموع التقانات التي اعتمدها الشاعر العباسي ليحتجَّ لرأي أو ليدحض فكرة محاولاً إقناع المتلقي أو المستمع بما يبسطه أو حمله على الإذعان لما يعرضه، والحجج المستعملة في شعر مديح الخلفاء كثيرة ولعلَّ أبرزها حجة الدليل وحجة الأنموذج اللتان جاء المبحثان من هذا الفصل للتعريف بهما والوقوف عند أهم تقاناتهما في شعر مديح الخلفاء، وانتهى البحث بخاتمة حاولنا أن نصوغ فيها النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة.
        وقد عالج البحث قضاياه بخطى وئيدة حذرة من مغبة الانزلاق في متاهات تخرج بالبحث عن حدوده الشرعية ولا سيما في ظِلِّ اتساع الدرس التداولي من جهة وشحِّ ما في المكتبة العربية إن لم نقل انعدام الجانب المختص بتداولية النص الشعري من جهة أخرى، أملاً في إضافة شيء ما إلى المكتبة العربية.
        وبعدُ، فإن هذا العمل ما كان له أن يرى النور لولا فضل الباري (I) عليَّ، ومنُّه بأن هيأ لي مشرفاً قديراً عرف بصبره وبغزارة علمه _ وهو أستاذي_ الأستاذ الدكتور منتصر عبد القادر الغضنفري فقد رافقني في رحلتي مع البحث في كُلِّ خطوة خطوتها وكان لملاحظاته العلمية السديدة الأثر البالغ في إنجاز هذا العمل وظهوره على هذه الصورة، فله مني المودة الكثيرة والشكر العظيم، داعياً المولى القدير أن ينعم عليه بالصحة والتوفيق.
        وأتوجه بالشكر الجزيل إلى الأستاذ الدكتور عبد الستار عبد الله البدراني الذي لم يبخل عليَّ بعلمه ونصائحه وتوجيهاته في بدايات هذا البحث.
        وأتقدم بالشكر إلى كل من أمدّ يداً أو قدَّم عوناً في إتمام هذا الجهد المتواضع، وإنني إذ أُقدّم لهذا البحث أرجو من الله أن أكون قد قدَّمتُ فيه ما هو جديد ومفيد.


وختاماً، أحمد الله العزيز المُعين على ما وفقني إليه، فله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، وهو الفتاح العليم.

الباحث

Praise Poetry of Caliphs in the First Abbasid Era - Pragmatic Approach - A Thesis submitted by Abdullah Berum Younis


Abstract
Pragmatics deals with the relation between linguistic activity and its users, and successful methods of using the linguistic marks and different keys and contexts within which the discourse is made. Also it finds out the elements that make the discourse as a successful and obvious massage and it finds out the reasons for failure in communication with natural languages.
Since pragmatics has the ability to call for non-linguistic aspects in the process of criticism and analysis in the address, this method has been chosen to approach the praise poetry of Caliphs in the first Abbasid era in a way which is different from most literary studies that deals with this poetry with regard to artistic form only. 
Praise poetry in general, and of Caliphs in particular isn’t based on the aesthetic conditions only, but also it takes into consideration the pragmatic and social conditions that require forms of speech manner according to tone keys in response to a general law that regulates the human communication and prescribes that the success of communication between speaker and addressee is based only on the response to the pragmatic rules, such as cooperation, politeness, courtesy … etc.
Since these rules are characterized by usual communication, it is better that these rules are characterized by poetic speech which requires aesthetic form. So, how do the poets leave the dignity that they seek?
The poetry that praises Caliphs requires special types of criticism, so the pragmatics is the most appropriate manner to approach this type of poetry.
So, we followed the pragmatic manner in studying and analyzing the praise poetries mentioned in the Abbasid royal palace.


The Researcher?

شعر مديح الخلفاء في العصر العباسي الأول -مقاربة تداولية- - اطروحة دكتوراه تقدم بها - عبد الله بيرم يونس


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله الأمين وخاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
        فقد تحولت العلوم الإنسانية في العصر الحديث، من البحث في مجالات التقاطع والتشابه، إلى البحث في التداخل والتكامل بين حقولها المعرفية (علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلوم الاتصال، والعلوم المعرفية، والفلسفة، والمنطق، والسيميائيات، واللسانيات...)، وقاد هذا التداخل والتكامل إلى ظهور اتجاه وظيفي تواصلي يرى في اللغة والعمل الإبداعي ظاهرة اجتماعية، يجب أن تدرس على هذا الأساس، ومنذ نهايات القرن العشرين بدأ الاهتمام بالاتجاه الوظيفي التواصلي يتزايد يوماً بعد يوم، ويرسم حدوداً واضحة على خريطة البحث الإنساني المعاصر، تشهد على ذلك آلاف المقالات وعشرات الكتب التي تصدر هنا وهناك وبأكثر من لغة في محاولة لاستجلاء معالم هذا الاتجاه ولإبراز خصوصياته، وتحديد مجالاته التطبيقية العملية، وقد انبثقت من هذا الاتجاه الحديث تيارات كثيرة منها التيار التداولي الذي يدرس علاقة النشاط اللغوي بمستعمليه، وطرائق استعمال العلاقات اللغوية وكيفياتها بنجاح، والسياقات والطبقات المقامية المختلفة التي يُنجزُ ضمنها ((الخطاب))، والبحث عن العوامل التي تجعل من ((الخطاب)) رسالة تواصلية واضحة وناجحة، والبحث في أسباب الفشل في التواصل باللغات الطبيعية ...الخ.
        إن التداولية تجعل من المقصد والمقام قاعدة متينة في مقاربة الخطابات المختلفة، وهو ما لم تكن المناهج الأخرى تهتم له كثيراً؛ لتركيزها على البنية اللسانية وتتبع خصائص اللغة بدءاً من أولى مستوياتها، أعني الجانب الصوتي، وصولاً إلى ذروة التفاعل: الدلالة، مروراً بمستوى التركيب بما يضم من الصياغات الصرفية، ومن ثمة عنيت التداولية بالمتكلم ومقاصده بوصفه عنصراً فاعلاً في عملية التواصل، ومنحت أهمية للظروف المقامية بوصفها عناصر مساعدة في تأدية هذه المقاصد، وعولت كثيراً على استغلال المستمع الظروف السياقية في سبيل الوصول إلى المعنى الذي قصده المتكلم.
        وبما أن التداولية لها القدرة على استدعاء جوانب غير لسانية في عملية النقد والتحليل في الخطاب فقد وقع اختيارنا على هذا المنهج؛ لمقاربة أبرز الفنون الشعرية على الإطلاق (المديح) مقاربة تبتعد عما اعتادت عليه معظم الدراسات الأدبية التي تناولت هذا الشعر من الوجهة الفنية أو الشكلية فحسب، أما كيف أُنجز هذا العمل، ومن أنجزه، ولماذا أُنجز؟ وما دلالته بالنسبة لمن أنجزه ولمن تلقاه؟ وما هي المضامين والرؤى التي تحملها؟ فأسئلة لا نجد لها جواباً، إن شعر المديح عامة وشعر مديح الخلفاء والأمراء خاصة لا يخضع للشروط الجمالية وحدها، وإنما تُراعى كذلك الشروط التداولية والاجتماعية التي تقتضي صوراً من السلوك القولي بحسب المقامات استجابة لقانون عام يحكم التواصل الإنساني بمجمله، وهو الذي يقضي بأن نجاح التواصل لا يتمُّ إلا بالاستجابة لقوانين التداول من تعاون وتأدب ولياقة... ولما كانت هذه القوانين تسمو بالتواصل العادي فهي أولى بأن تسمو بالقول الشعري الذي يُطلب في أصله الكمال والجمال، فكيف يترك الشاعر السمو وهو مطلبه وأقصى ما ينشده؟ إن الشعر الذي قيل بين يدي الخلفاء والأمراء يقتضي منا ضروباً خاصة من الاشتغال النقدي، فكانت التداولية المنهج الأنسب لمقاربة هذا النوع من الشعر.
           لذا جاءت خطة هذا البحث مكونة من تمهيد وثلاثة فصول، وقد قسمنا كل فصل على مبحثين، واتبعنا ذلك كله بخلاصة.
        أما التمهيد فأردنا أن نبرز فيه مفهوم التداولية والجذور التاريخية للتداولية، والتعريف بأهم مرتكزاتها، مع تحديد للمفاهيم والمبادئ الأساس في هذا المنهج، التي تمَّ توظيفها في الفصول التطبيقية، وفي نهاية التمهيد كانت لدينا وقفة في بيان احتواء الدرس العربي القديم على مباحث وأفكار ذات توجهات وإجراءات تداولية.
        وأما الفصل الأول فقد جاء بعنوان المتكلم ومقتضيات خطاب الخلفاء، وتناولنا فيه طرفي الخطاب؛ أي: كلاً من المتكلم والمخاطَب، وهما قطبا العملية التواصلية، وكيفية اختيار المخاطب الآلية التي توصل فكرته إلى المتلقي، وكيفية قدرته على إنتاج كلام موائم مع مقتضى الحال، واعتماده على المبادئ التخاطبية السليمة لتحقيق مبتغاه، فجاء المبحث الأول ليكشف عن أهم تلك المبادئ التخاطبية التي يتوخاها المتكلم عند مخاطبة الآخر،      أما المبحث الثاني من هذا الفصل فقد تناولنا فيه الافتراضات المسبقة لدى كل من المتكلم والمخاطب؛ إذ تسهم تلك الافتراضات في إنجاح العملية التخاطبية.
        وأما الفصل الثاني فقد خصصناه لدراسة ظاهرة الأفعال الكلامية، التي تقع في موقع متميز من المنهج التداولي وتُشكِّل جزءاً أساساً من بُنيته النظرية؛ فتناولنا في المبحث الأول أهم قضية في أفعال الكلام وهي الإنجازية التي ترى في القصيدة فعلاً أو حدثاً شعرياً يحمل قوَّة إنجازية معينة ويفضي إلى إحداث أثر ما في المخاطب؛ ذلك أن للكلام سلطاناً ما بعده سلطان، وأن للكلمات قوة عظيمة لا تخفى، وتأثيراً قوياً لا ينكر، وفي المبحث الثاني تناولنا الضمنيات التي حملتها الملفوظات الشعرية بوصفها قيلت في سياق خاص.
        وخصصنا الفصل الثالث والأخير لدراسة الحجاج في شعر مديح الخلفاء؛ إذ يُعدُّ الحجاج باباً رئيساً في المباحث التداولية بشهادة المختصين في هذا المجال، ونعني بالدراسة في هذا الفصل النظر في مجموع التقانات التي اعتمدها الشاعر العباسي ليحتجَّ لرأي أو ليدحض فكرة محاولاً إقناع المتلقي أو المستمع بما يبسطه أو حمله على الإذعان لما يعرضه، والحجج المستعملة في شعر مديح الخلفاء كثيرة ولعلَّ أبرزها حجة الدليل وحجة الأنموذج اللتان جاء المبحثان من هذا الفصل للتعريف بهما والوقوف عند أهم تقاناتهما في شعر مديح الخلفاء، وانتهى البحث بخاتمة حاولنا أن نصوغ فيها النتائج التي توصلنا إليها من خلال هذه الدراسة.
        وقد عالج البحث قضاياه بخطى وئيدة حذرة من مغبة الانزلاق في متاهات تخرج بالبحث عن حدوده الشرعية ولا سيما في ظِلِّ اتساع الدرس التداولي من جهة وشحِّ ما في المكتبة العربية إن لم نقل انعدام الجانب المختص بتداولية النص الشعري من جهة أخرى، أملاً في إضافة شيء ما إلى المكتبة العربية.
        وبعدُ، فإن هذا العمل ما كان له أن يرى النور لولا فضل الباري (I) عليَّ، ومنُّه بأن هيأ لي مشرفاً قديراً عرف بصبره وبغزارة علمه _ وهو أستاذي_ الأستاذ الدكتور منتصر عبد القادر الغضنفري فقد رافقني في رحلتي مع البحث في كُلِّ خطوة خطوتها وكان لملاحظاته العلمية السديدة الأثر البالغ في إنجاز هذا العمل وظهوره على هذه الصورة، فله مني المودة الكثيرة والشكر العظيم، داعياً المولى القدير أن ينعم عليه بالصحة والتوفيق.
        وأتوجه بالشكر الجزيل إلى الأستاذ الدكتور عبد الستار عبد الله البدراني الذي لم يبخل عليَّ بعلمه ونصائحه وتوجيهاته في بدايات هذا البحث.
        وأتقدم بالشكر إلى كل من أمدّ يداً أو قدَّم عوناً في إتمام هذا الجهد المتواضع، وإنني إذ أُقدّم لهذا البحث أرجو من الله أن أكون قد قدَّمتُ فيه ما هو جديد ومفيد.


وختاماً، أحمد الله العزيز المُعين على ما وفقني إليه، فله الأمرُ من قبلُ ومن بعدُ، وهو الفتاح العليم.

الباحث

25 January 2012

Ibn Taymya and his procedure In Singularity - Thesis Submitted By Ma'alim salim younis Abidallah Al Mashahadani

Abstract
Thanks God and God peace upon prophet Mohammed and who followed him
The monotheism is God's sends to his noble messenger. So God said ( Allah (himself) is witness that there is no God save him: and the angels and the men of learning (too are witness). Maintaining his creation in justice. There is no God save him , the Al mighty , the wise). and we sent no messenger before thee, but we inspired him (saying): there is no God save me (Allah), so worship me) so this is what coming in the noble and the good reputation for our noble messenger "God pray upon him who said (who's saying the last saying was there is no God but God) entered paradise, also he said (the best I have said me and the messenger before me is there no God but God.
So this monotheism is the axis of the religion and was the cause of standing market of paradise and hill , and the desperation between sad and happy man and was the cause of winning in the two houses and saved from hill and entered paradise. And our noble scantiest did the duties as understanding , studying and purring to what is related to it like understanding a mistake for its semantics and aims of this monotheism. And it is known that the science of monotheism which is the most important and most noble science, cause the science followed me of known who is God and his feature and there is not noble and great from him and his worship and loneliness and doing our duties for him . this is the Islam which is witnessed by God and his angle. So he said ( and we sent no messenger before thee but we inspired him (saying) : there is no God save me (Allah) , so worship me).
And al Sheikh Ibin Tamema (Islam Sheikh) is one of Muslim's scientist who recognized that he studied this science and served it by their ages and energy. So God give him Good reward. So I have seen that this is my subject (Ibin Tamema and his procedure in monotheism).

ابن تيمية و منهجه في التوحيد رسالة تقدمت بها معالم سالم يونس عبد الله المشهداني


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه الكرام ومن تبعه وسار على خطاه إلى يوم الدين
أما بعد : -
فأن التوحيد هو ما بعث الله تعالى به رسله الكرام أجمعين ، قال تعالى :
{ !$tBur $uZù=yör& `ÏB šÎ=ö6s% `ÏB @Aqߧ žwÎ) ûÓÇrqçR Ïmøs9Î) ¼çm¯Rr& Iw tm»s9Î) HwÎ) O$tRr& Èbrßç7ôã$$sù } ( [1] ) وعليه مدار كتاب الله عز وجل ، وهو ما جاءت به السنة المطهرة ، وبينته السيرة المباركة لرسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وأتم التسليم ، قال عليه الصلاة والسلام : " من كان اخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة " ( [2] ) وقال : " أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا اله إلا الله " ( [3] ) فهذا التوحيد هو مدار الدين ، وهو سبب قيام سوق الجنة والنار ، وافتراق الناس بين شقي وسعيد ، وهو سبب الفوز في الدارين والنجاة من النار ودخول الجنة ، وقد قام علماؤنا الإجلاء بواجبات فهمه ودراسته ، وتنقيته مما قد يعلق به من أفهام خاطئة لدلالاته ومقاصد هذا التوحيد ، ومعلوم أن علم التوحيد من أهم العلوم وأشرفها وأنبلها ؛لان شرف العلم يتبع شرف المعلوم ، وهو الله سبحانه وتعالى وصفاته ، وليس أعظم ولا اشرف من معرفته تعالى وعبادته وتوحيده وأداء واجباتنا المستحقة له ، وهذا هو الإسلام الذي شهد الله تعالى وأنبياؤه وملائكته ، به فقال عز من قائل : { yÎgx© ª!$# ¼çm¯Rr& Iw tm»s9Î) žwÎ) uqèd èps3Í´¯»n=yJø9$#ur (#qä9'ré&ur ÉOù=Ïèø9$# $JJͬ!$s% ÅÝó¡É)ø9$$Î/ 4 Iw tm»s9Î) žwÎ) uqèd âƒÍyêø9$# ÞOŠÅ6yÛø9$# } ( [4] )
وشيخ الإسلام ابن تيمية من علماء الإسلام الذين تميزوا بأن درسوا هذا العلم ، وخدموه بأعمارهم وطاقاتهم ، فجزاه الله خير الجزاء ، لذا رأيت أن يكون موضوع دراستي
( ابن تيمية ومنهجه في الوحدانية ) وقد اقتضت طبيعة البحث أن نقسمه ومن الله التوفيق إلى أربعة فصول : الفصل الأول هو في حياة ابن تيمية رحمه الله تعالى ، نستعرض فيه سيرة ابن تيمية وأهم محطاتها ، في المبحث الأول ضمنها ثلاثة مطالب : الأول اسمه ونسبه ، الثاني سبب تسميته ، الثالث كنيته وولادته ، أما المبحث الثاني فتضمن أربعة مطالب : الأول أشهر شيوخه ، الثاني : مؤلفاته والثالث ، : أشهر تلاميذه والرابع : أثاره العلمية وطلبه
للعلم ، المبحث الثالث تضمن أربعة مطالب أيضا : الأول صفاته وأخلاقه ، الثاني : جهاده وشجاعته ، والثالث : رأي العلماء به ومكانته بينهم ، والرابع : محنته ووفاته .
أما الفصل الثاني ففي توحيد الربوبية ، ومهدنا له ثم ضمناه أربعة مباحث : الأول : في مطلبين : الأول : توحيد الربوبية في اللغة ، الثاني : توحيد الربوبية في الاصطلاح ، والثاني في مطلبين : الأول : في الأدلة النقلية على توحيد الربوبية ، والثاني : الأدلة العقلية على توحيد الربوبية ، والمبحث الثالث : تضمن مطلبين : الأول : إقرار المشركين
بالربوبية ، والثاني : الشرك وأنواعه ، أما المبحث الرابع : فتضمن مطلبين أيضاً : الأول : جحود الربوبية ، والثاني : الميثاق الأول .
أما الفصل الثالث فكان في توحيد الإلوهية ، وتضمن أربعة مباحث : الأول : في مطلبين : الأول : توحيد الالوهيه في اللغة ، والثاني : توحيد الالوهية في الاصطلاح ، أما المبحث الثاني : فتضمن مطلبين : الأول : الأدلة النقلية على توحيد الإلوهية ، والثاني : الأدلة العقلية على توحيد الإلوهية ، والمبحث الثالث : تضمن ثلاثة مطالب : الأول : دعوة الرسل إلى توحيد الإلوهية ، والثاني : بعض أنواع العبادات المستحقة لله وأدلته ، والثالث : أداء العبادات هو من توحيد الإلوهية ، أما المبحث الرابع : فكان متضمنا مطلبين : الأول : العلاقة بين توحيد الإلوهية والربوبية ، والثاني : شرك الإلوهية .
 أما الفصل الرابع فكان في الأسماء والصفات ، وتضمن ثلاثة مباحث : الأول : تضمن مطلبين : الأول معنى الأسماء والصفات في اللغة ، والثاني : معناها في الاصطلاح ، أما المبحث الثاني فتضمن خمسة مطالب : الأول : في الأدلة النقلية على توحيد الأسماء والصفات ، والثاني : تقسيم أسماء الله الحسنى وإحصاؤها ، والثالث : تقسيم صفات الله العلى عند ابن تيمية والاشاعرة ، والرابع : الخلاف بين ابن تيمية والاشاعرة والصفات الخبرية ، والخامس : الإلحاد في الأسماء والصفات ( شرك الأسماء والصفات ) ، أما المبحث الثالث : فقد تضمن مطلباً واحداً في القواعد التي اتبعها ابن تيمية في تناوله لمفهو م الأسماء
والصفات ، وكان على أربع قواعد أساسية : الأولى : ليس كمثله شيء ، والثانية : لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه ( صفاته توقيفية ) ، الثالثة : صفات الله كلها صفات كمال ، والرابعة : صفاته تعالى في القران الكريم تحمل على الحقيقة وليس على المجاز ، ثم ختمنا بحثنا بأهم النتائج التي توصلنا إليها من خلال مسيرتنا بكتابة البحث في الخاتمة ، ومن ثم فهرس لأهم الأعلام التي وردت في رسالتنا .
 وعدنا إلى كتبه رحمه الله تعالى لمعرفة تقسيماته تلك وتعريفاته . ولقد واجهتنا مصاعب جمة في طريق بحثنا هذا ، فمن انقطاع الطريق المؤدي إلى الجامعة ، إلى انقطاع الطرق إلى محافظة صلاح الدين ، وخطورة الطريق ، وصعوبات السفر . ومشاقه والبعد عن البيت والأطفال نسأل الله تعالى أن يجعله لنا في ميزان حسناتنا ، وان يكفر به عنا خطايانا ، وهو جهد بذلناه ممتنين ، نبغي به الأجر من الله تعالى ، ولا ندعي أننا أحسنا أوأجدنا ، بل هي محاولة نبتغي بها رضى الله وعفوه عنا يوم القيامة ، فأن أحسنا فمن الله وتوفيقه ، وان كان غيرذلك فمن أنفسنا وتقصيرنا ، وهي سمات البشر ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه الكرام أجمعين .


 ( [1] ) الأنبياء /25
 ( [2] ) صحيح ابن خزيمة ، ج4 ، ص : 125 ، رقم الحديث ( 2503 )
 ( [3] ) موطأ مالك ، ج1 ، ص : 214 ، رقم الحديث ( 500 ) ، وينظر سنن البيهقي الكبرى ، ج4 ، ص : 284 ، رقم الحديث ( 8174 )
 ( [4] ) أل عمران/18